02‏/03‏/2007

هل نحن نعيش فوق الأرض؟




هذا العمل من ثقافته وليس من ذاته عبارة طرحها الأستاذ الدكتور أحمد عبد الكريم الأستاذ بقسم التربية الفنية بجامعة الملك سعود تعليقا على عمل حديث لأحد الفنانين التشكيليين السعوديين.... قد تكون الثقافة جزء من الذات وقد لا تكون . ربطت هذه العبارة بما عشنا من تحول سريع في المملكة تناول الإنسان والبيئة بصورة أحدثت ربكة في مختلف مناحي إنتاجنا المادي والأدبي على نحو سواء. أصبحنا نعرف الكثير عن العالم لكن بسطحية. كنا في الماضي أكثر معرفة بالأرض التي تحت أقدامنا و أكثر التصاقا بها ،خبرتنا كبيرة بطبيعتها ودروبها و نباتها وحيواناتها وأشجارها و أنوائها ومطالع نجومها نميز أدق تفاصيلها. ومع الانقلاب السريع الذي أحدثه التحديث فقد الكثير منا هذه المعارف و أصبحنا نعيش في بيئات مصطنعة تحيط بنا من كل مكان، وساهمت وسائل التقنية الحديثة في عزلنا عن البيئة الطبيعية ...لم نعد نميز روائح البيئة بل أصبحت أنوفنا خبيرة بتمييز دخان الديزل و البنزين والمطاط المحترق بدلا عن الخزامى والأقحوان و الرمث ...نقلتنا وسائل المواصلات بسرعة لا نكاد معها نلمس الأرض أو نحس بها أو نستمتع بجمالها وندرك تفاصيلها: الرحلة التي كانت تستغرق شهرا أصبحت تمضي في ساعات في صندوق مقفل سائر أو طائر، فقد البعض منا حتى المعرفة بالاتجاهات إذ هو يسير فوق الخطوط السوداء التي رسمت له يمينا وشمالا.
كم نفتقد ذلك الديباج الأسود المنقوش بالدر والآلي في ليالي الصيف عندما كنا نصعد للسطح للنوم...جاء مصباح أديسون بتعاون من أجهزة التكييف لتضرب ساعتنا البيولوجية فصار ليلنا نهار واختفت النجوم منه وتم تجريده من وظيفته كملهم للشعراء.
ثم جاءت وسائل الترفيه والاتصال الحديثة لكي نعيش معها في خيال تلمس فيه عقولنا الأشياء ولا تلمسها أيدينا. جمعت لنا فنون الشرق والغرب في صندوق واحد فنون لا نحس بها على وجه الحقيقة بل نراها فقط. في نظري وقد أكون مصيبا علينا أن نعيد حساباتنا و أن نستلهم بيئتنا، أن نخرج من هذه المدن أن نعيد التواصل مع الأرض بألوانها و أشكالها و رائحتها وحركتها لكي نقدم فنا أصيلا ينبع من الذات وليس من الثقافة الخيالية

.

ليست هناك تعليقات: