25‏/02‏/2007

تجريد أم تكوين؟


يا تجريد يا
هناك نقطة مهمة عرضت خلال نقاش للأخوين أحمد حسين و أحمد المنتشري أثارت لدي تساؤل وهو : هل الفن علم يشبه العلوم الأخرى في مخرجاتها ؟ وبعبارة أخرى هل يقتصر الفن على خريجي المعاهد والأكاديميات الفنية وهل التنظير حكر عليهم لا يجوز أن يفتي فيه غيرهم مثلما لا يفتي في الفيزياء والإحياء إلا علماؤها؟ هل الفن نخبوي لا يصل إليه إلا فئة محددة من الناس كما يلمح أحمد حسين ؟ إذا لم تتذوقوه فلأنكم قليلو تجربة وثقافتكم الفنية محدودة .
ليس أسهل للإجابة على هذه التساؤلات من إنعام النظر في سير من يعتبرون روادا للفن ومؤسسين لمدارسه وكيف توصلوا بالتجريب إلى ما وصلوا إليه،،،،،،،، وهو ليس شيئا خارقا للعادة ولا اكتشاف مذهل .هؤلاء أصبحوا علامات في طريق الفن فقط لأنهم شقوا طرقا فرعية جديدة سرعان ما يتلاشى وهجها ويقل حماس من تبعوها إلا أنها تستمر ضمن الإرث الفني الذي يتذوقه الناس.
قارنوا كل ما وصل إليه الفن باكتشاف البنسلين والكهرباء و الذرة و نظرية النسبية و بل وحتى اكتشاف العالم الجديد وغيرها مما لا يحصر هذه المكتشفات كانت يوما ما نظريات فتمت برهنتها ثم أصبحت حقائق .
هل النظرية في الفن ترقى إلى النظرية في العلوم البحتة أو الاجتماعية من حيث شروطها و مراحل إثباتها أو نفيها؟
هل الفن جزء من الآداب والمعارف الاصطلاحية التي يؤسسها الناس ويضعون شروطها ثم يخطّئون من يخرج عليها تماما مثلما لا يحتسب الهدف الناتج عن تسلل في كرة القدم.
ما هو الفرق بين الممارس و المتخصص الذي فرّق بينهما أحمد المنتشري ؟ وهل يستحيل أن يكون أحد المنظرين (ولي تحفظ على هذه الكلمة) بمنطق أحمد المنتشري "ممار س"لم يتخرج من كلية تربية فنية أو أكاديمية فنون جميلة أو أخذ دورة في الفن.
هل يمكن أن أفهم الفن بالممارسة والتثقيف الذاتي من خلال الاطلاع وزيارة المعارض.................

هل هذا النقاش أصلا مقصور علينا نحن العرب أو سكنة الديار الثالثة ولا يوجد له مثيل عند الغربيين؟
:



في ظني أن الواقعية هي المدرسة الوحيدة التي تخضع لمقاييس دقيقة ومرجعيتها الأصلية هي الواقع الذي تعكسه وهي في جزء منها هندسة لذا من السهل نقد لوحة واقعية
التجريد يا أخ أحمد المنتشري ليس الاختزال كما زعمت و إلا لكانت كل الرموز تجريد، الاختزال والتبسيط هو جزء من بعض اتجاهات التجريد في طريق محاولة للتعبير عن معنى بغير الإدراك البصري المتعارف عليه. إلا أن ما أراه في لوحات التجريديين الذين يدعون أنها تستند على تجريد الواقع هو صورة لا تربطها بالواقع المدعى خيوط متصلة لأن تلك الخيوط تم قطعها تدريجيا وعن سبق إصرار،
ما أفهمه هو أنهم يحاولون التعبير بلغة ورموز خاصة يرون أنها تمثل الواقع أو (المعنى
الواقعي) بطريقة أكثر تأثيرا من الشكل واللون المنظور،،،، محاولة لتجاوز الآليات العقلية الأصلية محاولة غير موضوعية (SUBJECTIVE) و لمن لم يمر عليه هذا المصطلح : عندما يكون الحكم والرؤية الشخصية هي المتحكم.
نعم للتجريد فروع ومنها التكعيبية والتعبيرية..... وقد قرأت لأحمد فلمبان أن هناك 40 فرعا للتجريديه!،،،، طرق تؤدي إلى تكوينات لونية وشكلية تبتعد عن الواقعية هذا هو التجريد قد يقترب من الواقع بالرمزية فيكون له دلالة شائعة وقد يكون مجرد غابة من الألوان والأشكال يصعب عليك تحديد ما قصده الفنان و ما لم يقصده وكل يفسره كما يراه. وقد ينتهي الثور إلى أي شيء إلا عالم الثيران!
الفنان التجريدي أو من يحاول اتباع المدرسة التجريدية يقلل من تحكمه في الشكل و اللون و التركيب إلى درجة يستحيل أن يعيد الفنان رسم لوحة مشابهة لها: كما كان جاكسون بولوك يسقط ألوانه على اللوحة بصورة لا تتيح له التفكير المتحكم. :

طبعا هناك أعمال تجريدية قوية مصدر قوتها هو الإجماع العام أو الأغلبية ممن تعودوا على قراءة اللوحات لكن مثلما نشأت غير موضوعية فإن الحكم عليها يكون غير موضوعي بل شخصي ولن نفرق بين ما قصده الفنان أو لم يقصده بل نعترف له بالمهارة التلوينية والتكوين الشكلي اللوني،والكثير منهم يتأثر بغيره وسبق أن أثيرت عدة قضايا من هذا النوع في التشكيل السعودي:
خلال محاضرة لعبد العزيز عاشور عرض لوحات لبعض الفنانين السعوديين وعندما ظهرت لوحة الفنان...... صاح الحضور المصري بسخرية : فاروق حسني
سمعت أن هناك من يقلد أحمد حسين في لوحاته وقد رأيت لوحة لا تكاد تخطئها العين وحتى أنها أثارت دهشة أحمد نفسه!!!!!!!
مثل هذه الأعمال مقبولة كتجريد شكلا فقط.


####الفن ليس علما والجغرافيا على سبيل المثال أكثر قابلية للقياس منه####.

ليست هناك تعليقات: