12‏/12‏/2009

المقايضة Bartering


لوحات عالمية ذات قيمة فنية ومادية عالية قايضها من رسمها بوجبة أو مشروب تحت وطأة العوز والفاقة ثم أصبح بعضها لا يقدر بثمن. هذه الصورة التاريخية قد تكون مؤلمة في تاريخ الفن لكن تخليد اسمه هو ما عاد عليه وليس الملايين التي تباع بها حالياً. في جانب آخر أعجبني وأثار دهشتي مرونة المجتمع الغربي خلال الأزمات و أحسب أن هذه المرونة هي أحد أسباب تفوقه في العصر الحديث، أدهشني أن تقوم جمعيات فنية غربية بإعادة المقايضة بوصفها وسيلة لتحريك الوسط الفني و زيادة التفاعل مع المجتمع عموما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، والنماذج كثير في هذا المجال ولعلي أذكر مثالاً واحداً من أمثلة كثيرة علنا نستفيد منها، وهو ما قامت به جمعية الفنون بمقاطعة تشستر بولاية بنسلفانيا (Chester County Art Association) إذ قامت بتنظيم معرض يختص بمقايضة الأعمال الفنية بسلع أو خدمات يحتاجها الفنان، لقد ساقوا أسبابا تتعلق بالأزمة الاقتصادية العالمية و بأهمية المقايضة كوسيلة لنشر الفن وتكوين رؤية مجتمعية جديدة. لقد كان أحد الأمثلة التي ضربوها و أثارت دهشتي و إعجابي؛ أن يقايض الفنان عمله مقابل أجرة طبيب الأسنان، وتخيلت طبيباً قد علّق لوحة اشتراها مقابل معالجة راسمها ، وتصورت التفاعل بين الفنان والطبيب خلال جلسات لم تعد للعلاج فقط بل للتفاعل الثقافي بينهما. ولكم أن تتخيلوا الكم الهائل من التفاعل الثقافي بين الفنانين من جهة وشرائح المجتمع المختلفة.


ورغم الإحباط الذي يتملكني عندما أفكر بتطبيق مثل هذا العمل في مجتمعنا نتيجة ما ألمسه من انتفاخ الأنا عند بعض الفنانين و بعض من يتزعمون الساحة الفنية، إلا أنني أرى بصيص أمل في جيل الشباب ممن يسعون إلى تحقيق الغايات بأيسر السبل. ويمكن أن يكون بداية ذلك بمقايضة الأعمال الفنية بالأعمال الفنية بين بعضهم البعض مقتفين أثر هنري ماتيس و ببلو بيكاسو.